مدرسة الحديث بفاس .. أول موقع إليكتروني متخصص في علوم الحديث رواية
< < < <

تلفزيون مدرسة الحديث بفاس

< < < <

To browse our website in English and other world languages

Click Here
< <

مكانة الإمام مالك في الحديث وعنايته به - الأستاذ مبروك بن عيسى. الحلقة(1)

بِسْــــــــــــــــمِ اﷲِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم


إن الدارس العلمي للمذهب المالكي يكشف بجلاء كيف تعامل الإمام مالك مع الحديث والأثر، وفق أصول السنة وعلوم الأثر وأصول الفقه عند علماء السنة وعلماء أصول الفقه بما يدل على قوة المذهب في الفقه والحديث بمقاييس التوثيق والنقد، ويبرز مساحة الاستدلال في المذهب، وفقه الدليل، ويبين مكانة الحديث والأثر في المذهب، وميزان المذهب في السنة والأثر، إذ لم يكن الإمام مالك إماما في الفقه فحسب، بل جمع بين كونه إماما في الفقه وإماما في الحديث بما جعل مذهبه يعد مذهب أثر لا مذهب رأي عند المتقدمين والمتأخرين حيث تولد من رحم مدرسة أهل الأثر ومدار أمره أساسا على الأثر، يدور معه حيث دار ويتتبعه ويطلبه حيث هو، ويعمل به، وفق أصول المذهي.

- *عناية الإمام مالك بالحديث:

اعتنى الإمام مالك عناية خاصة بالحديث رواية ودراية باعتباره فقيها ومحدثا، ولذلك كانت أحاديثه في الموطأ منتقاة، حتى قال عنه ابن عبد البر: « كان مالك من أشد الناس تركا الشذوذ العلم. وأشدهم انتقادا للرجال وأقلهم تكلفا، وأتقنهم حفظا؛ ولذلك صار إماما ..)

وقد جمع الإمام مالك بين الفقه والحديث، فكان فقيه المحدثين ومحدث الفقهاء بلا منازع وكان الإمام مالك ينزع إلى طريقة الحجازيين في الوقوف عند الآثار ما أمكن، ويكره التوسع في تقدير المسائل وفرضها قبل وقوعها وامتازت طريقته في التعامل مع الحديث والأثر بما يأتي:

1-  لا يشترط في قبول الحديث الشهرة فيما تعم به البلوى، كما عند الحنفية، ولا يرد خبر الواحد لمخالفته القياس، أو لعمل الراوي بخلاف روايته ولا يقدم القياس على خبر الواحد، ويعمل بالمراسيل ويشترط في خبر الواحد: عدم مخالفته لعمل أهل المدينة. وعمدته في الحديث ما رواه أهل الحجاز

-2 يرى الإمام مالك أن قول الصحابي إذا صح سنده، وكان من أعلام الصحابة، ولم يخالف الحديث المرفوع، فهو حجة مقدمة على القياس.

-3 اعتبر الإمام مالك عمل أهل المدينة حجة مقدمة على القياس وعلى خبر الواحد، لأنه عنده أقوى منهما، إذ أن عملهم بمنزلة روايتهم عن رسول الله ، فهم قد توارثوه عمن سبقهم

وكان الإمام مالك ينزع إلى طريقة الحجازيين في الوقوف عند الآثار ما أمكن، ويكره التوسع في تقدير المسائل وفرضها قبل وقوعها، وامتازت طريقته في التعامل مع الحديث والأثر بما يأتي:

-1 لا يشترط في قبول الحديث الشهرة فيما تعم به البلوى، كما عند الحنفية. ولا يرد خبر الواحد لمخالفته القياس أو لعمل الراوي بخلاف روايته ولا يقدم القياس على خبر الواحد، ويعمل بالمراسيل ويشترط في خبر الواحد عدم مخالفته لعمل أهل المدينة. وعمدته في الحديث ما رواه أهل الحجاز

-2 يرى الإمام مالك أن قول الصحابي إذا صح سنده، وكان من أعلام الصحابة، ولم يخالف الحديث المرفوع، فهو حجة مقدمة على القياس.

-3 اعتبر الإمام مالك عمل أهل المدينة حجة مقدمة على القياس وعلى خبر الواحد، لأنه عنده أقوى منهما، إذ أن عملهم بمنزلة روايتهم عن رسول الله ، فهم قد توارثوه عمن سبقهم

، ورواية جماعة عن جماعة أولى بالتقديم والثقة والاطمئنان إليها من رواية فرد عن فرد.

وقد نازعه في ذلك أكثر فقهاء الأمصار، استنادا إلى أن علم السنة لم يكن مقصورا على من استقر بالمدينة المنورة نظرا إلى أن كثيرا من الصحابة نزح بما معه من السنة إلى الأمصار الأخرى، ثم إنهم ليسوا في محل العصمة حتى يكون عملهم حجة كمروتهم )

-*درجة الإمام مالك في الحديث.

كان الإمام مالك رضي الله عنه إماما في الحديث كما كان إماما في الفقه، وموطؤه كتاب حديث وكتاب فقه ولعله أوضح الأئمة المجتهدين جمعا بين الإمامة في الفقه والحديث من غير خلاف، فهو راو من الطبقة الأولى في الحديث، وهو فقيه ذو بصر بالفتيا، واستنباط الأحكام. وقياس الأشباه بأشباهها، ومعرفة مصالح الناس، وما يكون ملائما لها من الفتاوى من غير استبعاد النص ولا هجر للمأثور من الأقضية والفتاوى المنسوبة للسلف الصالح .

قال يحي القطان: « ما في القوم أصح حديثا من مالك، كان إماما في الحديث ».  وقال معن بن عيسى: « كان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا، فقيها عالما. حجة ». وقد أجمع أشياخه وأقرانه فمن بعدهم على أنه إمام في الحديث موثوق بصدق روايته طبقت مناقبه وفضائله الآفاق.

 

- *مكانة الإمام مالك عند المحدثين.

بلغ الإمام مالك مكانة عالية عند المحدثين في روايته وتحديثه قال أبو العباس السراج سمعت البخاري يقول: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر » . ويعتبر سند الإمام مالك في بعض أحاديثه في صحيح البخاري أصح الأسانيد؛ وهو مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وصحيح البخاري هو أصح كتاب في الحديث بعد كتاب الله تعالى، بإجماع الأمة.

ويقول أبو داود: « أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، ثم مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه، ثم مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة .. ولم يذكر أحدا غير مالك.

يقول الشيخ أبو زهرة في هذا السياق " وهذه الشهادة من أهل الفن تدل على أمرين يضعان الإمام مالك في الطبقة الأولى بين المحدثين كما هو مقرر:

أحدهما: أنه ثقة في نفسه، وأنه عدل ضابط لا مجال للطعن في روايته من حيث شخصه وقوة ضبطه.

ثانيهما: أنه حسن الاختيار لمن يروي عنهم، فهو ورجاله الذين يروي عنهم في المرتبة الأولى، إذ يعتبر البخاري أصح الأسانيد مالك وبعض رجاله، ويعتبره أبو داود هو ورجاله يحتلون المراتب الأولى الثلاث في قوة السند، فهو إذن ثقة يحسن وزن الرجال، بشهادة أهل الخبرة المحققين العالمين بهذا الشأن .. 

وتعد الأحاديث المسندة في الموطأ من أصح الروايات وهي مضرب الأمثال عند أهل السنة. أما المرفوعة التي انتهى سندها إلى صحابي والمرسلة التي رفعها التابعي إلى رسول الله ، فإن العلماء لم يتماروا في صحتها من حيث المتن.

وقد عرف العلماء قيمة الموطأ العلمية، فأعطوه حقه ومستحقه، ووضعوه في نصابه الصحيح، فقال عبد الرحمن بن مهدي: « ما بعد كتاب الله أنفع للناس من موطأ مالك بن أنس، ولا أعلم من علم الناس بعد القرآن أصح من موطأ مالك ». وقال ابن وهب: « من كتب موطأ مالك، فلا عليه ألا يكتب من الحلال والحرام شيئا ... وقال الإمام الشافعي: « ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك، وما كتب الناس بعد القرآن شيئا هو أنفع من موطاً مالك، وإذا جاء الأثر من كتاب مالك، فهو التريا .. »


====================

(*) من بحث : منهج الإمام مالك في الأخذ بالحديث والأثر - أ. مبروك بن عيسى


اشترك في قناتنا على اليوتيوب ❤ × +
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين
أحدث أقدم