الضبط شرط من شروط قبول الحديث الخمسة .
ينقسم الحديث من حيث القبول والرد إلى قسمين : حديث مقبول وآخر مردود .
ويشترط للحديث المقبول خمسة شروط هي :
1- عدالة الرواة الذين في سند الحدث.
2- ضبط الرواة الذين في سند الحديث.
3- تحقق الاتصال بين الرواة في سند الحديث.
4- عدم وقوع الشذوذ في سند أو متن الحديث.
5- عدم وقوع العلة في متن أو سند الحديث.
فكما ترى فالضبط صفة مشروطة في كل راو من رواة الحديث المقبول ، وهي من بين شروطه الخمسة بإجماع المحدثين.
فما معنى الضبط وما منزلة الراوي الذي لا تتحقق فيه صفة الضبط ، ماذا نسميه وماذا نسمي حديثه ؟
معنى الضبط وأقسامه :
الضبط لغة اللزوم . فمن ضبط شيئا لازمه ولم يفارقه.
واصطلاحا : هو صفة في الراوي تؤهله لرواية الحديث بنصه أو بمعناه من غير زيادة في اللفظ إن رواه بلفظه أو تحريف للمعنى إن رواه بمعناه.
ويعرف الراوي الضابط بإتقانه حفظ الأحاديث عند أدائها فلا تكاد تجده يخطئ في عرضها الا شيئا قليلا مما لا يكاد يذكر.
والرواة الضباط قسمان :
الرواة الضباط (أي الذين تحققت فيهم صفة الضبط ) قسمان هما :
أولا : ضباط تم واكتمل ضبطهم فلا تكاد تجدهم يخطئون في المائة حديث إلا مرة أو اثنين أحيانا مثلا. فهؤلاء يكون ضبطهم تاما ويسمى حديثهم بالحديث الصحيح.فرواته تامو الضبط
ثانيا : ضباط لم يكتمل ضبطهم فهو أقل منزلة من القسم الأول فخطؤهم أكثر من ذلك لكن بما لا يصنفهم في سوء الحفظ او كثرة الوهم أو كثرة الخطأ . فهؤلاء يكون ضبطهم خفيفا قليلا ويسمى حديثهم بالحديث الحسن. فرواته خفيفو الضبط
أقسام الضبط:
أما الضبط نفسه فهو قسمان بحسب وسيلته :
ضبط صدر وضبط كتاب،
فضبط الصدر هو : أن يكون الراوي يَقِظًا غير مُغفل يحفظ ما سمعه ويثبته بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، مع علمه بما يحيل المعاني إن روى بالمعنى.
وضبط الكتاب: صيانته لديه منذ سمع منه وصححه إلى أن أدي منه .
ويُقَدَّمُ ضَبْطُ الكتاب على ضبط الصَّدْرِ ؛ لأنَّ الحفظ خَوَّانٌ لا معول عليه غالبا.
واشترطوا فيمن يروي الحديث بمعناه علمه بما يحيل المعاني كما اشترطوا في ضابط الكتاب أن يصون كتابه ويحفظه من الزيادة والنقص والتلف منذ سمع منه وصححه إلا أن يؤدي منه.
من هم الرواة الذين يخرجون باشتراط ضبط الراوي
ويخرج بتعريف الضبط :
أولا : كثير الوهم، وقُيِّدَ الوَهْمُ هنا بالكثرة لأنَّ الوَهْم القليل لا يَسْلَمُ مِنْه أحدٌ، وقد ذكر الإمام مسلم - رحمه الله - في مقدمة كتابه "التمييز" أوهاما وقعت لبعض الأئمة الحفاظ رحمهم الله، فليراجع. وحديث كثير الوهم يُسمى المعلل.
ثانيا فاحش الغلط: وهو الذي يزيدُ غَلَطه على صَوابِه زيادةً فاحشة، وحديثه لا يَصْلُحُ للاعتبار، ويُسَمَّى ما تَفَرَّدَ به مُنْكَرًا.
ثالثا كثير المخالفة: لمن هو أوثق منه أو المخالفة لجمع من الثقات، ويندرج تحت كثرة المخالفة أنواع من الحديث وهي : الشَّاذُ والمُنْكَرُ والمَدْرَجُ بِنَوْعَيْه، والمقلوب والمزيد في متصل الأسانيد، والمصحف والمحرفُ والمضطرب، وكُلُّ ذلك يَتَنَوَّعُ بحسب صفة المخالفة ونوعها.
رابعا سيئ الحفظ؛ وهو الذي يُتَوَقَّفُ في روايته؛ فلا يُحْكُمُ عَلَيْهَا إِلَّا بِقَرِينَةٍ تُرَجحُ جَانِبَ الضَّعْف أو الصحة؛ فإن وَجَدَ ما يوجب الصحة كان حديثه حَسَنًا، وإن لم يوجد ووُجد ما يَقْتَضي الضعف كان حديثه ضعيفًا صالحًا للاعتبار، ويُسَمَّى مَنْ طَرَأَ عليه الضَّعْفُ في حفظه لِكبره أو فقدان كتبه ونحو ذلك بالمختلط، وفيه تفصيل يُعْرَفُ بضوابط الاختلاط محله الكتب المطولة.
وأما التساهل في الرِّوَايَةِ مِنْ كتاب لم يُقابل بالأصل ففيها
خلاف مبسوط في باب كتابة الحديث وضبطه وروايته في كتب المصطلح.
وأما التساهل في ضبط الكتاب نفسه فموجب لتَرْكِ الرواية قولاً واحدا.
خامسا : المغفل والغفلة هي عدم التمييز بين الخطأ والصواب في مَرُويَّاتِ الرَّاوي؛ وذلك بسبب قِلَّةِ إتقانه وعَدَم فِطْنَتِه. وحديث الشَّديد الغَفْلَة مُنْكَر .
:
سادسا مجهول الحال: وهو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق ويسمى المستور .
سابعا مجهول العين: وهو مَنْ لم يَرو عَنْهُ إِلَّا واحد ولم يوثق.
ثامنا المبهم : وهو من لم يُسَمِّ في السَّنَد. قال الحافظ ابن حجر في "النخبة": «ولا يُقْبَل المبهم ولو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعديل على الصحيح».
وقد لخصت ما يتعلق بضبط الرواة وقواعده في أبيات مبسطة للحفظ ها هنا فأقول :
والضبط نوعان كلاهما اعتُبرْ
عند الرواة فاضبِطَنَّ ما ذُكـــرْ
ضبط الكتاب ثم ضبط الصدرِ
والأول الأولى بكل قطـــــــرِ
فَضَبْطُ صَدْرِ حِفْـظُ راو يقظِ
غير المغفل الذي لم يحــفظِ
فإن روى معنى الكلام اشترطُوا
عِــلمٓ معانيـــــهِ وإلا يسقـــطُ
واشترطوا في ضـــابط الكتـــابِ
تصحيحــه بالضبط للصـــــوابِ
بأن يصونَ مَتْنَه عن شَطَـــــطِ
كالنقص أو كالزيد أو كالـــغلطِ
وباشْتِرَاطِ الضَّبْطِ أخرجوا فقطْ
ذا كثرة الوهم وفاحشٓ الغلــــطْ
ومَنْ رَوَى مـخالفا للأوثــــــــــقِ
بكــثـرة أو للثقـــــــــات فـانتقِ
وسيئٓ الحفظِ ومَنْ تَسَاهَـــــــــلٓ
في ضبط كتبه متــــى ما قابــــلٓ
ومن بمدلــــول الكـــلام جاهـــلُ
إذا رَوَى معنـــــــــاه والمغفـــــــــلُ
وباشتـراط الضـــــبط والجهالــــهْ
يٓخــــرج من رمـــــوهُ بالجهالــــهْ
فيخـــرجُ المبهــــــمُ والمجهــــــولُ
عينــا وحــــــالاً فٓــــعِ مــا أقـولُ