من المؤسف أنه قد وجد في بعض المفسرين، والكتاب المعاصرين؛ من ذهب إلى جواز ما ذكر في المثالين الأخيرين من إباحة أكل السباع ولبس الذهب والحرير اعتماداً على القرآن فقط ؛ بل وجد في الوقت الحاضر طائفة يتسمون بـ (القرآنيين) يفسرون القرآن بأهوائهم وعقولهم، دون الاستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة؛ بل السنة عندهم تبع لأهوائهم، فما وافقهم منها تشبثوا به، وما لم يوافقهم منها نبذوه وراءهم ظهريا، وكان النبي ﷺ قد أشار إلى هؤلاء بقوله في الحديث الصحيح : «لا ألفين أحدكم متكنا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه رواه الترمذي، وفي رواية لغيره : «ما وجدنا فيه حراما حرمناه، ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه وفي أخرى : «ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله .
بل إن من المؤسف أن بعض الكتاب الأفاضل ألف كتابا في شريعة الإسلام وعقيدته ، ذكر في مقدمته أنه ألفه وليس لديه من المراجع إلا القرآن .
فهذا الحديث الصحيح يدل دلالة قاطعة على أن الشريعة الإسلامية ليست قرآنا فقط، وإنما هو قرآن وسنة ؛ فمن تمسك بأحدهما دون الآخر، لم يتمسك بأحدهما ؛ لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالآخر، كما قال تعالى : ﴿مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ [النساء : ۸۰] وقال: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بينهم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قضيت ويُسلموا تسليما﴾ [النساء : ٦٥] وقال: ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب : ٣٦] وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ [الحشر : ٧)
وبمناسبة هذه الآية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه ـ وهو : « مرأة جاءت إليه، فقال له : أنت الذي تقول : لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات ...؟! الحديث ، قال : نعم . قالت : فإني قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره، فلم أجد فيه ما تقول ! فقال لها : إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا قالت : بلى ! قال : فقد سمعت رسول الله ﷺ يقول : لعن الله النامصات ... الحديث . متفق عليه ..