شعار التلفزيون الرمضاني
00:00 / 00:00

الدروس التربوية من رمضان - أ. إدريس الصغيوار

بِسْــــــــــــــــمِ اﷲِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم


ومن الدروس التي نتعلمها من رمضان

الدرس الخامس الصبر: 

فرمضان شهر الصبر لذلك كان مداره على حبس شهوتي البطن والفرج، وفيه يحبس المؤمن الصائم نفسه عن المخالفات حفاظا على صومه، إيمانا واحتسابًا، حتى ينال بصبره أجر الصائمين.

يصبر على حدة الجوع والظمأ .. ويصبر على ترك اللغو والقول الباطل والرفث.

ويصبر على تلاوة القرآن.. وصلاة التراويح والقيام.. ينشد بصبره مغفرة ذنبه ورضا ربه، فقد قال رسول الله ﷺ: «إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه؛ فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (۱).

فإذا خرج رمضان.. وجد المؤمن نفسه مهيأة للصبر على طاعة الله، ممرنة على الانحباس عن الشهوات ... يسهل حملها على الطاعة،وكفها عن المعصية، وهذا درس آخر من الدروس المهمة التي تعلمها مدرسة رمضان.

ومنزلة الصبر منزلة عظيمة عند الله، فهو شطر الإيمان، وبه نال المؤمنون أجرهم بغير حساب؛ لذلك فاكتساب هذه المنزلة في دروس رمضان من أعظم الثمار التي يجنيها الصائم من صومه، ينقضي رمضان.. لكن صبره على الطاعة لا ينقضي بانقضائه... وصبره على المعصية لا ينقطع بانقطاعه.

فكما كان على الجوع الله صابرا محتسبا في رمضان؛ فكذلك في غير رمضان تجده صائما صابراً عن الحرام لا يأكله.. وعن الكبائر لا يقربها .. وعن المعاصي والسيئات لا يتعمدها، فصبره يلازمه؛ لأنه به يتم إيمانه.. وبه تكون نجاته وفلاحه، كما قال تعالى: وَالْعَصْرِ إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: ١-٣].

الدرس السادس: المجاهدة

 والمجاهدة من أبلغ الدروس التي نتعلمها من مدرسة رمضان، فالصائم طيلة شهر رمضان يكون في جهاد مع نفسه ومع هواه، ومع الشيطان.. يكابد الوساوس... ويدافع النزوات.. ويغالب الخطرات السيئة حتى يكمل له ثواب الصيام، ويغتنم أجره أحسن اغتنام.

وهذه المجاهدة التي يقتضيها صوم رمضان من أجل الخصال الموجبة للثبات على الدين والهدى، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: ٦٩]،

لذلك فالصائم يجد ثمرتها العاجلة في نفسه ممثلة في سهولة قيامه بالعبادات؛ كذكر الله، وقراءة القرآن، وأداء الفرائض والنوافل... فكلما جاهد نفسه وجد لذلك ثمرة في قدرته على الطاعة.

وفي هذه الخصلة درس آخر يأخذ منه المؤمن الفطين عبرة وعظة، ليوظفه في حياته بعد رمضان.. فالنفس الأمارة بالسوء، والهوى والشيطان، ومغريات الدنيا وزينتها كل ذلك يقتضي منه مجاهدة صادقة في رمضان وفي غيره، وما شهر رمضان إلا مدرسة يجدد فيها المؤمن عزيمته على جهاد النفس، ويوطن فيها حزمه وقوته على الثبات حتى إذا انصرم رمضان؛ استمر بجهاده وثباته يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه. قال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كبد [البلد: ٤] .

قال المفسرون أي يكابد أمرًا من أمور الدنيا، وأمرًا من أمور الآخرة، وهذه المكابدة عامة في كل وقت من عمر الإنسان، وفي الحديث قال رسول الله ﷺ: «أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل» (۱).

================

(۱) رواه النسائي.

اشترك في قناتنا على اليوتيوب ❤ × +
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين
أحدث أقدم